{الأعْرَابُ} أي: أهل البدو، {أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} من أهل الحضر، {وَأَجْدَرُ} أخلق وأحرى، {أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} وذلك لبعدهم عن سماع القرآن ومعرفة السنن، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} بما في قلوب خلقه {حَكِيمٌ} فيما فرض من فرائضه.{وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا} قال عطاء: لا يرجو على إعطائه ثوابا، ولا يخاف على إمساكه عقابا، إنما ينفق خوفا أو رياء والمغرم التزام ما لا يلزم. {وَيَتَرَبَّصُ} وينتظر {بِكُمُ الدَّوَائِرَ} يعني: صروف الزمان، التي تأتي مرة بالخير ومرة بالشر. وقال يمان بن رئاب: يعني ينقلب الزمان عليكم فيموت الرسول ويظهر المشركون، {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} عليهم يدور البلاء والحزن. ولا يرون في محمد ودينه إلا ما يسوءهم.وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: {دَائِرَةُ السَّوْءِ} هاهنا وفي سورة الفتح، بضم السين، معناه: الضر والبلاء والمكروه. وقرأ الآخرون بفتح السين على المصدر. وقيل: بالفتح الردة والفساد، وبالضم الضر والمكروه.{وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} نزلت في أعراب أسد وغطفان وتميم. ثم استثنى فقال: {وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} قال مجاهد: هم بنو مُقَرِّن من مزينة. وقال الكلبي: أسلم وغفار وجهينة.أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، أنبأنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار، أنبأنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الدَّبَرِيُّ، أنبأنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسلمُ وغِفَارٌ وشيءٌ من جُهَيْنَةَ ومُزَيْنَةَ خيرٌ عند الله يوم القيامة من تَميمٍ وأسدِ بن خُزَيْمَةَ وهَوَازِنَ وغَطَفَانَ».{وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ} القربات جمع القربة، أي: يطلب القربة إلى الله تعالى، {وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} أي: دعاءه واستغفاره، قال عطاء: يرغبون في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم. {أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ} قرأ نافع برواية ورش {قُرُبة} بضم الراء، والباقون بسكونها. {سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ} في جنته، {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.